كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الله نور السموات والأرض الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة.
قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص كأنها كوكب دري بضم الدال مشددة الياء بغير همز، يحتمل قوله تعالى: {دري} أمرين أحدهما أن يكون نسبة إلى الدر لفرط ضيائه وبهائه ونوره كما أن الدر كذلك وحجتهم حديث النبي صلى الله عليه إنكم لترون أهل عليين في عليين كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما هكذا جاء في الحديث ويجوز أن يكون فعيلا من الدرء وهو الدفع وهو أن يدفع بنوره من أن ينظر الناظر إليه فخففت الهمزة فانقلبت ياء كما تنقلب من النبيء ثم أدغمت الياء في الياء.
وقرأ حمزة وأبو بكر دريء بضم الدال مهموزا فعيلا من الدرء وهو الدفع وقد فسرت حكى سيبويه عن أبي الخطاب كوكب دريء من الصفات ومن الأسماء المريق وهو العصفر.
وقرأ أبو عمرو والكسائي دريء مهموزا بكسر الدال فعيلا من الدرء مثل السكير والفسيق والمعنى أن الخفاء يدفع عنه لتلألئه في ظهوره فلم يخف كما خفي نحو السها.
قال الكسائي كوكب دريء أي مضيء تقول درأ النجم يدرأ درءا إذا أضاء وقال آخرون منهم أبو عمرو أخذوه من درأت النجوم إذا اندفعت أي اندفعت الشياطين بها.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو توقد بالتاء وفتح الواو والدال فعل ماض وفاعل توقد المصباح ويكون المعنى المصباح في زجاجة توقد المصباح ويجوز أن يكون التوقد للكوكب لأن الكوكب يوصف كثيرا بالتوقد لما يعرض فيها من الحركات التي تشبه توقد النيران.
وقرأ نافع وابن عامر وحفص يوقد مضمومة الياء والدال ومن قرأ هذا كمن قرأ توقد في أنه جعل فاعل يوقد المصباح أو الكوكب.
وقرأ حمزة والكسائي وابو بكر توقد بالتاء جعلوا الإيقاد للزجاجة لأنه جاء في سياق وصفها وقرب منها فجعلوا الخبر عنها لقربها منه وبعده من المصباح فإن قيل كيف وصفت الزجاجة بأنها توقد وإنما يكون الاتقاد للنار قيل لما كان الاتقاد فيها جاز أن يوصف به لارتفاع اللبس عن وهم السامعين وعلمهم بالمراد من الكلام والعرب قد تسند الأفعال كثيرا إلى ما لا فعل له في الحقيقة إذا كان الفعل يقع فيه فيقولون ليل نائم لأن النوم فيه يكون كما قال جل وعز كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف فالعصوف للريح فجعله من صفة اليوم لكونه فيه وهذا واضح عند أهل العربية.
في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال.
قرأ ابن عامر وأبو بكر يسبح له فيها بفتح الباء على ما لم يسم فاعله وقام الجار والمجرور مقام الفاعل ثم فسر من يسبح فقال رجال أي يسبح له رجال فهذا المضمر دل عليه قوله يسبح له لأنه إذا قال يسبح دل على فاعل التسبيح فيكون رفع رجال ها هنا على تفسير ما لم يسم فاعله ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله والآصال ثم يقول رجال لا تلهيهم على الابتداء والأول بإضمار فعل وقرأ الباقون يسبح بكسر الباء ورجال رفع بفعلهم.
أو كظلمت في بحر لجي يغشه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمت بعضها فوق بعض.
قرأ ابن كثير في رواية القواس سحاب منونا ظلمات، مكسورة التاء فجعله تكريرا أو بدلا من الظلمات الأولى والتقدير أو كظلمات ظلمات.
قرأ البزي سحاب ظلمات مضافا كما تقول سحابة رحمة وسحاب مطر إذا ارتفع في الوقت الذي يكون فيه الرحمة والمطر وكذلك شبه إذا ارتفع في وقت كون هذه الظلمات بارتفاعه في وقت الرحمة.
وقرأ الباقون سحاب ظلمات رفعا جميعا بالتنوين سحاب رفع لأنه خبر الصفة والظمات رفع لأنه خبر ابتداء محذوف تقديره هذه ظلمات بعضها فوق بعض.
{والله خلق كل دابة من ماء} قرأ حمزة والكسائي والله خالق كل دابة من ماء على فاعل وهو مضاف إلى ما بعده، وقرأ الباقون خلق كل دابة وحجتهم أن المقصود من ذلك هو التنبيه على الاعتبار بما بعد الفعل من المخلوقات وإذا كان ذلك كذلك فأكثر ما يتأتي فيه الفعل على فعل وهذا الموضع موضعه كما قال الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وقال وخلق كل شيء فقدره تقديرا فنبههم بذلك أن يعتبروا ويتفكروا في قدرته فكذلك قوله والله خلق كل دابة من ماء.
وحجة من قرأ خالق كل دابة فلفظ قوله خالق أعم وأجمع لأنه يشتمل على ما مضى وما يحدث مما هو كائن ويدل عليه قوله خالق كل شيء فاعبدوه.
ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون قرأ نافع في رواية الحلواني ويخش الله ويتقه بالاختلاس وهو الاختيار عند أهل النحو لأن الأصل في الفعل قبل الجزم أن تقول يتقيه وبالاختلاس فلما سقطت الياء للجزم بقيت الحركة مختلسة كأول وهلة.
وقرأ أبو عمرو وأبو بكر ويتقه ساكنة الهاء قالوا إن الهاء لما اختلطت بالفعل ثقلت الكلمة فخففت بالإسكان.
وقرأ حفص ويتقه بإسكان القاف وكسر الهاء وله حجتان إحداهما أنه كره الكسرة في القاف فأسكنها تخفيفا والعرب تقول هذا فخذ وفخذ وكبد وكبد ويجوز أن يكون أسكن القاف والهاء فكسر الهاء لالتقاء الساكنين كما قرأ أبو بكر في أول الكهف من لدنه بكسر الهاء فإنه أسكن الدال استثقالا للضمة فلما أسكن الدال التقى ساكنان النون والدال فكسر النون لالتقاء الساكنين وكسر الهاء لمجاورة حرف مكسور ووصلها بياء.
وقرأ الباقون ويتقه ي بكسر الهاء لمجاورة القاف المكسورة يتبعون الهاء ياء تقوية وقد ذكرت ذلك في آل عمران.
{ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبل وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} قرأ أبو بكر استخلف بضم التاء على ما لم يسم فاعله وقرأ الباقون كما استخلف بفتح التاء لذكر الله تعالى قبل ذلك وبعده فمن ضم التاء ف الذين في موضع رفع ومن فتح التاء ف الذين في موضع نصب.
قرأ ابن كثير وأبو بكر وليبدلنهم بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد.
قال الفراء هما متقاربان فإذا قلت للرجل قد بدلت معناه قد تغير حالك ولم يأت مكانك آخر وكل ما غير عن حاله فهو مبدل وقد يجوز بالتخفيف مبدل وليس بالوجه فإذا جعلت الشيء مكان الشيء قلت أبدلته ابدل لي هذا الدرهم أي أعطني مكانه وبدل جائزة فمن قال وليهدلنه فكأنه أراد أن يجعل الخوف أمنا ومن قال ليبدلنهم بالتخفيف قال الأمن خلاف الخوف فكأنه قال اجعل لهم مكان الخوف أمنا أي ذهب بالخوف وجاء الأمن وهذا موضع اتساع العرب في العربية.
{لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض} قرأ ابن عامر وحمزة ولا يحسبن الذين كفروا معجزين بالياء وجاز أن يكون فاعل الحسبان أحد شيئين إما أن يكون قد يضمر النبي صلى الله عليه كأنه قال لا يحسبن محمد الذين كفروا معجزين والذين المفعول الأول والمعفول الثاني معجزين ويجوز أن يكون فاعل الحسبان الذين كفروا ويكون المفعول الأول محذوفا تقديره لا يحسبن الذين كفروا إياهم معجزين في الأرض.
وقرأ الباقون لا تحسبن الذين بالتاء أي لا تحسبن يا محمد الكافرين معجزين أي قدرة الله محيطة بهم.
{ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلث مرات من قبل صلوة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلوة العشاء ثلث عورات لكم} قرأ حمزة والكسائي وابو بكر ثلاث عورات لكم نصبا جعلوه بدلا من قوله ثلاث مرات وثلاث مرات نصب على الظرف فإن قلت إن قوله ثلاث مرات وزمان بدلالة أنه فسر بزمان وهو قوله من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء وليس العورات بزمان فكيف يصح وليس هذه هن قيل يكون ذلك على أن يضمر الأوقات كأنه قال أوقات ثلاث العورات فلما حذف المضاف أعرب المضاف إليه بإعراب المضاف والعورات جمع عورة وحكم ما كان على فعله من الأسماء تحريك العين في الجمع نحو حفنة وحفنات إلا أن عامة العرب كرهوا تحريك العين فيما كان عينه واوا أو ياء لما كان يلزم من الانقلاب إلى الألف فأسكنوا وقالوا عورات وبيضات وهذيل حركوا العين منها فقالوا عورات وأنشد بعهضم:
أخو بيضات رائح متأوب ** رفيق بمسح المنكبين سبوح

فحرك الياء من بيضات ومن قرأ يضعن من ثيابهن فلأنه لا يوضع كل الثياب وإنما يوضع بعضها وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال هو الجلباب إلا أن يكون أمة فليس عليها جناح أن تضع خمارها.
قال الزجاج ثلاث عورات بالنصب على معنى ليستأذنكم ثلاث عورات.
وقرأ الباقون ثلاث عورات جعلوه خبر ابتداء محذوف كما قال والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات وفصل الثلاث بقوله من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء فكأنه قال هي ثلاث عورات فأجمل بعد التفصيل. اهـ.